بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
أعضاء منتدانا الكرام ,يشرفني للمرة الثانية أن أخوض تجربة كتابة و طرحها عليكم لأستفيد من آرائكم و نظرتكم إليها
فاليوم أتيتكم لمقدمة كتبتها لرواية جديدة تحت عنوان : أبناء الليل في انتظار أدراج أي جزء فور انتهائي من كتابته فأتمنى أن تتجردوا من المجاملة و تنيرو طريقي بآرائكم حول هذه المقدمة:
*أبناء الليل*
مقدمة
عهدنا في الحياة مماليك تحرسها جيوش و قلاع و أسوار محصنة بأسلحة و دروع و أبواب فولاذية, فكتبت فيها قصص و أساطير و حكايات شتى ,لكن لم تتحدث أية أسطورة عن مملكة الأيام ,مملكة قسمت بين ليل و نهار و لكل منهما حارس وحيد و كل بحكاياته ,فالنهار تحرسه شمس عملاقة تترقب بنظرات حادة و حارة لمدة طويلة ,فترسل خيطا ذهبيا هنا و خيطا هناك لكنها في الأخير تسحب خيوطها و هي خائبة لأنها لم تلتقط أية رواية أو حكاية جديدة ,فكل شيئ مألوف, وقع الخطوات نفسه و عددها محدود طوال الأيام لا يتغير فإن حدث و تغيرت قليلا سواء بالزيادة أو النقصان فإنه إما رضيع يخطو خطواته الأولى أو أن شخصا سافر إلى عالم آخر و غابت بذلك خطواته, و أصوات مألوفة فصخب يوحي بشجار بفعل جشع أو شهوة, أو همس يقرأ كلمات نميمية تحرض على فتنة.
و مهما أطلنا فلا نستطيع عد الأحداث و الوقائع التي ترصدها هذه الحارسة العملاقة إلا أنها تبقى جافة و عديمة اللون أيضا, أما الليل فحارسه هادئ وأصغر حجما لكنه أوفر حظا ,فهو ينظر بنظرات حنونة ذابلة فيرى كل ليلة شيئا أجمل و حادثة أروع من سابقتها فيطل و يشرف على همسات حنونة و ألوان خافتة جميلة ,و لحظات رومنسية مميزة و حلوة ,و رائعة و مثيرة, لكنها تبقى حكرا لأشخاص مميزين و قليلين أيضا , لأشخاص يقتلون النهار و يأسرون المألوف ليحيوا الليل و يحرروا المثير, لأشخاص عشقوا السير في درب فضي ينعش الروح,أشخاص يحبون الحياة و يرحبون بالموت, إنهم ...أبناء الليل و هذه الرواية تصاحب الليل و ترافق القمر لتحكي عن (أبناء الليل ) في قرية أنجبت منهم الكثير.
نحكي عن قرية محصنة بتضاريس قاسية ,فجبال حالت بينها و بين أترابها من القرى المجاورة ,يرتوي جانب منها بوادي أبت أشجار الجوز إلا أن تؤمنه و تغطيه ليندفع بكل ما يجود به الجبل سواء ماء عذب يترجم هدوءا و ارتواءا من ثلوج الشتاء , أو صخورا تعكس غضب و شراسة الطبيعة, و هذا كله تحت انظار حقول التفاح و المشمش, أما الجانب الآخر من الجبال فيتعكز على غابات كثيفة لا يعلم أحد ما تخبئ فهي دائما موحشة لا يدخلها إلا من لا حاجة له في حياته.
فعندما تكون هذه الطبيعة هي الأم فأيا كان الأب شقاءا أو فقرا أو قهرا فإن الأولاد سيكونون حتما أبناء الليل.
فمنهم من أتعبه الشقاء و يريد أن يسترخي و يرتاح و منهم من أثقل عليه الفقر فيريد أن يحس بخفة الروح ,و منهم من أسره القهر فيريد أن يتحرر,و الليل أقصر طريق لتحقيق الآمال, فما إن يحييهم الليل إلا و يندفع كل لضالته و في كل الإتجاهات,و يبقى القمر رقيبا لكل لحظة دافئة أو باردة ,كل لحظة سمو و إحباط, و من لم يجد لمعاناته درب شفاء فإنه يكتفي بمحاكاة النجوم و مناجاتها لأن تبلغ رسالته للقمر و يخزن معاناته و يضمها للأرشيف الفضي و يعلنه بذلك واحدا من أبناء الليل ,و يمنحه البطاقة الليلية ليتمكن بها من اختراق أي درب فضي بحثا عن الدواء لأية معاناة.