اشارت دراسة حديثة قامت بها منظمة العمل الدولية إلى أن 246 مليون طفل في العالم يعانون من الاستغلال، وقالت: إن الكثير من الاطفال يعملون طيلة النهار في وضعيات خطرة ويخضعون للعنف الجسدي والنفسي، والاسوأ من ذلك يحرمون من حقهم في الدراسة ويحرمون من التمتع بطفولتهم. ووصفت الدراسة الوضع بكونه «دائرة شيطانية مغلقة، إذ لا ينجم عن الفقر والامية والاستغلال سوى فقر جديد «مشيرة الى ان أن أعمار الاطفال المستغلين تتراوح بين الخامسة والرابعة عشرة ويعيش 60 % منهم في آسيا و29 % في افريقيا والباقي في اميركا اللاتينية»، موضحة «لكن استغلال عمل الاطفال وصل إلى الدول الاقتصادية الانتقالية وإلى تلك الصناعية المتقدمة أيضا». معضلات رهيبة شكلت مقدمة لفيلم وثائقي نفذته منظمة «الايادي الممدودة» حول استغلال الاطفال في العمل لتوعية العالم بهذا الجرم ومكافحته ونظمت مسيرات عالمية في الفترة الماضية ضد عمل الاطفال، بينما أعلنت منظمة العمل الدولية يوم 11 يوليو (تموز) يوما عالميا لمناقشة الظاهرة. ما يرويه الفيلم من قصص يقدم دليلا مباشرا على ما يعانيه ملايين الاطفال في محيط الحرمان والعذاب. ما دور اي في تاميل ناهو أكثر مدن الهند الجنوبية اكتظاظا بالسكان وتعرف الضواحي الموزعة حول المدينة باسم «تشانتو» وهي محرومة من كافة الخدمات الاساسية وتنمو ديمغرافيا وجغرافيا في تصارع لا يمكن التحكم فيه. ويعيش فيها ما يزيد عن 300 ألف شخص في أكواخ من الطين والقش. الاطفال الذين يذهبون للمدرسة قلائل جدا فالعائلات التي خنقتها الديون وسندات المرابين فقيرة يستحيل عليها ارسال الاطفال إلى المدارس. يمارس الاطفال الذين تزيد أعمارهم عن ست سنوات كافة الاعمال الشاقة وخاصة معامل انتاج الاوعية الحديدية المعدة للاستهلاك المحلي وتنتشر ورشات صناعتها بكثرة في أحياء «اسلامس» ويعمل الاطفال ما بين 10 إلى 12 ساعة يوميا وخلال الليل أيضا، ويقوم الصغار بتلميع الفلاذ باستخدام مواد كيماوية سامة جدا، من ذلك مسحوق صنفرة الكبريت الذي يسبب حروقا لدى ملامسته للجلد، كما له تأثير مضر جدا بالعيون وغالبا ما يصاب الاطفال الصغار الذين لا يتمتعون بالخبرة بالعمى. كما يسبب مسحوق الصنفرة أمراضا تنفسية لا شفاء منها، يضاف إلى ذلك الضجة الهائلة التي تحيط بالاطفال لساعات طويلة وتلوث الهواء الذي يستنشقونه، والاعتداءات المختلفة التي يتعرضون لها يوميا في أماكن العمل. أرشيتا مجتمع عمراني متداع على بعد بضعة كيلومترات من ليما، وفي منطقة صناعية كانت حقولا زراعية في الماضي تعيش اليوم آلاف العائلات التي تعد من أفقر سكان البلاد بعد أن أجبرت على النزوح من القرى بسبب ما لحقها من دمار على يد المتمردين وقوات القمع العسكرية. عائلات تعيش على ما تصنعه يوميا من قطع القرميد (الطوب) وهناك يجبر حتى الاطفال على المشاركة في تلك الاعمال تحرقهم أشعة الشمس ويخنقهم الغبار في عملية متسلسلة وقاسية جدا تبدأ في ساعات الفجر الاولى ولا مكان للراحة فيها، تنجز التربة الصفرواية بقنوات الصرف الصحي الملوثة جدا، ثم تنشر قطع القرميد على مساحات واسعة وتقلب باستمرار لتجفيفها، وهكذا يبقى الاطفال لساعات طويلة جدا يعملون في صمت ينقلون قطع القرميد ويقلبونها كي تجف بسرعة. ولم تسلم أوروبا من مأساة عمالة الاطفال فقد نجمت عن عملية التحول في رومانيا والتي ستنضم للاتحاد الاوروبي مع بلغاريا سنة 2007 تغييرات اجتماعية واقتصادية جذرية ويعاني الاطفال عادة أكثر من غيرهم من نتائج ذلك. ويعيش آلاف الاطفال في شوارع بوخارست في شروط صعبة وتبتلع دوامة الاستغلال الكثير منهم ممن يتورطون في فعاليات اجرامية مثل التجارة في المخدرات والدعارة وأفلام الجنس. ولا تزيد أعمار أغلب أولئك الاطفال عن 12 سنة لم يترددوا على المدارس أبدا أو أجبروا على تركها خلال طفولتهم، ويعاني الكثير منهم من امراض جلدية ومن السل والتهاب الكبد وغيرها من الامراض. الشوارع هي مأواهم حيث يتعرضون لكافة أنواع المخاطر ليلا. يتعرض الاطفال لابشع انواع الاستغلال مثل التجارة بالقاصرين.
وهذا ما ينطبق على دولة بينين في افريقيا الغربية حيث شملت المشكلة آلاف الاطفال داخل البلد وخارجه، ويعهد الآباء الغافلون عن الحقيقة بأبنائهم إلى نساء يعملن واسطات يجلن بين القرى ويقدمن الوعود للعائلات بمستقبل أفضل لاولادهم في المدن، وهناك يتم استغلالهم بشكل بشع، فبعد أن كان أهالي القرى يرسلون ابناءهم إلى المدن للدراسة والاقامة عند أحد الاقرباء فقد تحولت الآن إلـى تجـارة مـأساوية. ويعتبر الفقر والجهل من العوامل المساعدة على تفشي هذه الظاهرة، فاقتصاد دخل العائلات القروية يحول من دون ارسال الاطفال للمدارس، لذلك يحاول الاهالي تأمين مستقبل أفضل لابنائهم بارسالهم للمدن للعمل والدراسة مستجيبين لاغراءات المتاجرين بالاطفال. ففي سوق كوتورو وإليه يصل الكثير من أطفال القرى الريفية، تقضي الفتيات نهارهن في أكشاك البيع أو يحملن البضائع على رؤوسهن فيما يستخدم الاطفال في ورشات الحدادين والحرفيين الآخرين مقابل لقيمات طعام ولباس وفراش. أما الحصول على النقود والذهاب للمدرسة فسراب وخداع. وفي دكاكين الحدادة وغيرها يجلب التجار الاطفال الاقوياء لتشغيلهم في أعمال خطيرة بدون أي حماية وذلك من ساعات الفجر الاولى وحتى منتصف الليل. وفي سوماريس شمال شرق البرازيل وهي أكثر مناطق البرازيل خطورة وعنفا، فقد أجبرت أزمة قطاع صناعة السكر سكان الارياف إلى الهجرة إلى المدن باستمرار والانضمام لمدن الصفيح التي توسعت بسبب ذلك، بينما ينخرط الاطفال في عمليات السرقة أو العيش من مكبات النفايات، في واقع أصبح فيه العنف والجريمة من مكونات الحياة اليومية. ومن أكثر الوسائل شيوعا لكسب حفنة من النقود التقاط كل ما يمكن العثور عليه في الشوارع وإعادة بيعه مثل قطع البلاستيك والزجاج والكرتون والحديد وحملها على عربة متداعية وجرها إلى المدن، هذا هو المصير الذي ينتظر عشرات الآلاف من الاطفال الذين ينزحون لمدن الصفيح مع عائلاتهم. عالم قاس ينمو فيه الصغار بسرعة مفرطة ويبلغون قبل الاوان عالم يتعرضون فيه للعنف بمختلف أشكاله وللتلهي عن جوعهم يلجأون للمخدرات الرخيصة، مثل الصمغ الذي يستنشقونه كلهم حتى الصغار جدا منهم.
ولا يتردد أطفال مدن الصفيح في البرازيل «الفابيلاس غريسيب» على المدرسة ويعيشون في أكواخ بائسة ويعانون من الاهمال ونقص التغذية والتربية، وهكذا يصبح الشارع كل شيء في حياتهم، فهو الاسرة والبيت والمدرسة، وهو مكان يضطر الاطفال فيه لممارسة أي عمل كان وعندما يحققون ما يكفيهم يعملون كماسحي أحذية أو منظفي زجاج أو حراس للسيارات. ويبحثون جهدهم عن حلول بديلة حيث يتسولون بحثا عن قطعة نقدية إضافية قبل أن تتحول السرقة إلى طريقتهم التقليدية في الحياة، وتقتل فرق الموت في البرازيل أكثر من 5 آلاف طفل سنويا